فرائض_الإسلام_السياسية
#الحلقة_الاولى
#يوسف_حسن
الكلمات فرائض ونواقض ومبطلات مصطلحات ارتبطت في أذهان عامة المسلمين بل وكثير من خاصتهم بالعبادات وما يتصل بها كالوضوء والصلاة ومعناها باختصار هو أن الفرائض هي ما لا يصح الوضوء إلا به والمبطلات هي ما بحدوثه يبطل . ولأسباب تاريخية معلومة متعلقة بخضوع أمة المسلمين للاستبداد والكبت دهراً طويلاً اقتصر الاجتهاد في مجالات معينة كفقه العبادات وتغافل المجتهدون أو صمتوا وامتنعوا عن التعبير عن الأحكام الإسلامية الخاصة بالسياسة والحكم بل نفر الأكثرون أو نفروا عن ذلك إيثارا للسلامة أو طمعاً في نوال يقل أو يكثر . . بل إن من العلماء من أصدروا الفتاوي المناصرة لحكام زمانهم وهم من تم وصفهم بعلماء السلاطين بل علماء السوء ....
لقد فعلوا ذلك مع أنهم مظنة العلم بقوله صلى الله عليه وسلم " من مشى مع ظالم يعينه على ظلمه سلطه الله عليه "
يمكننا ان نعطي مرادفات ومعاني للكلمات الثلاثة " فرائض ، الإسلام ، السياسة " كمدخل يقربنا من المفهوم الشامل لهذه المصطلحات ودلالاتها . فكلمات مثل ( أمر يأمر ، نهى ينهي ، وليس ب وليس منا وليس المؤمن ، وعليكم ب ، وأياكم و ...) مثلاً هي في معنى فرائض موجبة إذا كانت أوامر ، وفرائض ناهية إذا كانت بمعنى النهي . بمعنى أنها إما أن تفرض فعل الشئ أو تفرض الامتناع عنه وقد تأتي الأحكام بصيغة القاعدة و القانون والحكم وإن شئت مادة دستورية قرآنية ومعلوم أنه عندئذ فليس للمسلم الخيرة – أي ليس له أن يختار سوى ماقضى الله ورسوله ، قال تعالى :" وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم " الأحـــزاب 36 .
ذلك لأن معنى الإسلام هو الانقياد لله أي لحكمه الذي هو الدين الذي جاء به محمد صلوات الله وسلامه عليه ويشمل ذلك الأمر بالعدل والنهي عن الظلم مثلما هو مفهوم من الأمر بالصلاة والصوم والزكاة والحج كما يشمل الأمر بأداء الواجبات وصون الحقوق والتزام مكارم الأخلاق واجتناب قبائحها . كالأمر بالصدق والنهي عن الكذب والتنبيه على التزام المبدئية والتنفير من الانتهازية .. وغير ذلك .
هذا معناه أني أدعو إلى استخدام المصطلحات الدينية في التعبير عن الشؤون السياسية والساسة بما يعطيها عمقاً روحياً ويجعلها إما حسنات يتبعها ثواب أو ذنوب وسيئات وآثام تتبعها درجة أو نوع من أنواع العقاب ، معنوياً كان أو مادياً ، عاجلاً أو آجلاً . وأحسب أن هذا ما ينبغي أن يكون المحكومين والرعية أحرص عليه من الحكام خاصة أولئك الذين يحرصون على نسبة حكمهم إلى الإسلام . فيكون العدل طاعة والظلم معصية وتعدي لحدود الله وليس مجرد مخالفة قانونية يستطيع أن يفلت مرتكبها من عقوبتها لأنه ألحن من خصمه في حجته .
أما كلمة سياسة فهي مصطلح يعني إدارة شئون الناس أو اصطلح على تسميته بالحكم وما اشتق منه كحاكم ومحكومين وحكومة وشئون الناس وهي أوجه حياتهم واحتياجاتهم التي قد تتداخل وتتعارض وتقود إلى تنازع وتصارع يؤدي إلى اقتتال وهلاك إذا لم يتوافقوا على قواعد ونظلم واحكام يطبقها عليهم من يختارونه طواعية للقيام بذلك لصفات تزكيه على غيره من منافسيه ويشمل ذلك تنظيم معاملاتهم وعلاقاتهم بما يجعل كلاً منهم يؤدي الواجبات اللازمة منه ومقابل ذلك تصان حقوقه التي منها أن يعامل بالسوية مع الآخر ويكرم ويكون له حق التفكير والتعبير والمشاركة من كل ما يقتضيه العيش في جماعة .
ذلك يعني أن يسود الجماعة ، أو الدولة نظام يتولاه منظم يسمونه حاكماً أو ملكاً أو رئيساً أو شيخاً أو سلطاناً أو غير ذلك ولكن الاختلاف في نوع الحكم هو الذي ينبغي أن يحظى بالاهتمام من جهة نوع الحكم ومن ثم نوع صلاحيات وسلطات الحاكم – فالحكم إما أن يكون شورياً ديمقراطياً والحاكم فيه مقيد برأي الجماعة تشريعياً ومراقبة واحتكاماً ولا يكون ذلك إلا إذا كان الحاكم قد جاء إلى الحكم باختيار الجماعة أو الشعب بالمصطلح الحديث سواء كان بالبيعة أو الانتخابات إذ ليس بينها من فروق تذكر إلا الوسائل والكيفية لأن نص البيعة يقابله البرنامج الانتخابي وتلاوة البيعة معناها الاختيار أو الانتخاب الذي اختصرته الإجراءات الحديثة في وضع رمز من يختاره الناخب .
الأنواع الأخرى من الحكم يمكن جمعها وحصرها بصفة الديكتاتورية أو الشمولية Dictatorship and totalitarianism والحاكم فيها حاكم بأمره مستبد برأيه له مطلق التصرف ومن حوله إن وجدوا فدورهم أن يقولوا له "الأمر إليك والرأي ما رأيت " .
السياسة بحسبانها فن إدارة شئون الناس أو حكمهم تشمل كل ما سموه وزارات من حفظ أم وإجراءات سلام وصوت "وزارة داخلية " وضمان عدالة الحكم " وزارة العدل " وإدارة شئون المال " وزارة المالية " والتجارة والتعدين ، وعلاقات بالآخر " وزارة خارجية " وتعليم وصحة وإرشاد وغيرها . والكلام في ذلك قد يبسطه الوعاظ والمرشدون حينما يكون حديثهم إلى عامة الناس في المساجد أو المناسبات الدينية أو في مجالات المناظرات ولكن كثير من منهم يخرسون وتثقل ألسنتهم ويصعب عليهم الحديث عنا إذا كان في الحضور حاكم خاصة إذا كان مستبداً متغلباً بقوة عتاد أو كثرة عددية لطالما سمعنا المتحدثين يتقعرون في نطق نصوص مثل " ولا تأكلوا أموال الناس بالباطل " – " ولا تبخسوا الناس أِشياءهم " ،" وأوفوا الكيل " ، " وويل للمطففين " عندما يكون الكلام موجها ً للعامة وإن كان حضوره التجارة وبعض عامة المسئولين ولكنهم لا يقولون الشئ نفسه للرئيس أو الملك وإن شاع وذاع تعديه على المال الخاص مصادرة أو المال العام اختلاساً أو من حيازة أو اعطاء بقرارٍ أو بدونه على طريقة وأمره له أو أكثر .
أجدني أميل لأن الكثيرين يفعلون ذلك لا بسبب خطأ في الفهم أو قصور في الاعتقاد من النوع الذي قد يوصف بالانكفاء أو التجزيئي أو التبعيض ولكن بسبب الخوف من وخزه ذي الشوكة أو الحرمان من نواله وشوك بعض الحكام قاتل والحرمان لا يصبر عليه كثير من الناس .مكتب المفكر الإسلامي الشيخ يوسف حسن
#الحلقة_الاولى
#يوسف_حسن
الكلمات فرائض ونواقض ومبطلات مصطلحات ارتبطت في أذهان عامة المسلمين بل وكثير من خاصتهم بالعبادات وما يتصل بها كالوضوء والصلاة ومعناها باختصار هو أن الفرائض هي ما لا يصح الوضوء إلا به والمبطلات هي ما بحدوثه يبطل . ولأسباب تاريخية معلومة متعلقة بخضوع أمة المسلمين للاستبداد والكبت دهراً طويلاً اقتصر الاجتهاد في مجالات معينة كفقه العبادات وتغافل المجتهدون أو صمتوا وامتنعوا عن التعبير عن الأحكام الإسلامية الخاصة بالسياسة والحكم بل نفر الأكثرون أو نفروا عن ذلك إيثارا للسلامة أو طمعاً في نوال يقل أو يكثر . . بل إن من العلماء من أصدروا الفتاوي المناصرة لحكام زمانهم وهم من تم وصفهم بعلماء السلاطين بل علماء السوء ....
لقد فعلوا ذلك مع أنهم مظنة العلم بقوله صلى الله عليه وسلم " من مشى مع ظالم يعينه على ظلمه سلطه الله عليه "
يمكننا ان نعطي مرادفات ومعاني للكلمات الثلاثة " فرائض ، الإسلام ، السياسة " كمدخل يقربنا من المفهوم الشامل لهذه المصطلحات ودلالاتها . فكلمات مثل ( أمر يأمر ، نهى ينهي ، وليس ب وليس منا وليس المؤمن ، وعليكم ب ، وأياكم و ...) مثلاً هي في معنى فرائض موجبة إذا كانت أوامر ، وفرائض ناهية إذا كانت بمعنى النهي . بمعنى أنها إما أن تفرض فعل الشئ أو تفرض الامتناع عنه وقد تأتي الأحكام بصيغة القاعدة و القانون والحكم وإن شئت مادة دستورية قرآنية ومعلوم أنه عندئذ فليس للمسلم الخيرة – أي ليس له أن يختار سوى ماقضى الله ورسوله ، قال تعالى :" وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم " الأحـــزاب 36 .
ذلك لأن معنى الإسلام هو الانقياد لله أي لحكمه الذي هو الدين الذي جاء به محمد صلوات الله وسلامه عليه ويشمل ذلك الأمر بالعدل والنهي عن الظلم مثلما هو مفهوم من الأمر بالصلاة والصوم والزكاة والحج كما يشمل الأمر بأداء الواجبات وصون الحقوق والتزام مكارم الأخلاق واجتناب قبائحها . كالأمر بالصدق والنهي عن الكذب والتنبيه على التزام المبدئية والتنفير من الانتهازية .. وغير ذلك .
هذا معناه أني أدعو إلى استخدام المصطلحات الدينية في التعبير عن الشؤون السياسية والساسة بما يعطيها عمقاً روحياً ويجعلها إما حسنات يتبعها ثواب أو ذنوب وسيئات وآثام تتبعها درجة أو نوع من أنواع العقاب ، معنوياً كان أو مادياً ، عاجلاً أو آجلاً . وأحسب أن هذا ما ينبغي أن يكون المحكومين والرعية أحرص عليه من الحكام خاصة أولئك الذين يحرصون على نسبة حكمهم إلى الإسلام . فيكون العدل طاعة والظلم معصية وتعدي لحدود الله وليس مجرد مخالفة قانونية يستطيع أن يفلت مرتكبها من عقوبتها لأنه ألحن من خصمه في حجته .
أما كلمة سياسة فهي مصطلح يعني إدارة شئون الناس أو اصطلح على تسميته بالحكم وما اشتق منه كحاكم ومحكومين وحكومة وشئون الناس وهي أوجه حياتهم واحتياجاتهم التي قد تتداخل وتتعارض وتقود إلى تنازع وتصارع يؤدي إلى اقتتال وهلاك إذا لم يتوافقوا على قواعد ونظلم واحكام يطبقها عليهم من يختارونه طواعية للقيام بذلك لصفات تزكيه على غيره من منافسيه ويشمل ذلك تنظيم معاملاتهم وعلاقاتهم بما يجعل كلاً منهم يؤدي الواجبات اللازمة منه ومقابل ذلك تصان حقوقه التي منها أن يعامل بالسوية مع الآخر ويكرم ويكون له حق التفكير والتعبير والمشاركة من كل ما يقتضيه العيش في جماعة .
ذلك يعني أن يسود الجماعة ، أو الدولة نظام يتولاه منظم يسمونه حاكماً أو ملكاً أو رئيساً أو شيخاً أو سلطاناً أو غير ذلك ولكن الاختلاف في نوع الحكم هو الذي ينبغي أن يحظى بالاهتمام من جهة نوع الحكم ومن ثم نوع صلاحيات وسلطات الحاكم – فالحكم إما أن يكون شورياً ديمقراطياً والحاكم فيه مقيد برأي الجماعة تشريعياً ومراقبة واحتكاماً ولا يكون ذلك إلا إذا كان الحاكم قد جاء إلى الحكم باختيار الجماعة أو الشعب بالمصطلح الحديث سواء كان بالبيعة أو الانتخابات إذ ليس بينها من فروق تذكر إلا الوسائل والكيفية لأن نص البيعة يقابله البرنامج الانتخابي وتلاوة البيعة معناها الاختيار أو الانتخاب الذي اختصرته الإجراءات الحديثة في وضع رمز من يختاره الناخب .
الأنواع الأخرى من الحكم يمكن جمعها وحصرها بصفة الديكتاتورية أو الشمولية Dictatorship and totalitarianism والحاكم فيها حاكم بأمره مستبد برأيه له مطلق التصرف ومن حوله إن وجدوا فدورهم أن يقولوا له "الأمر إليك والرأي ما رأيت " .
السياسة بحسبانها فن إدارة شئون الناس أو حكمهم تشمل كل ما سموه وزارات من حفظ أم وإجراءات سلام وصوت "وزارة داخلية " وضمان عدالة الحكم " وزارة العدل " وإدارة شئون المال " وزارة المالية " والتجارة والتعدين ، وعلاقات بالآخر " وزارة خارجية " وتعليم وصحة وإرشاد وغيرها . والكلام في ذلك قد يبسطه الوعاظ والمرشدون حينما يكون حديثهم إلى عامة الناس في المساجد أو المناسبات الدينية أو في مجالات المناظرات ولكن كثير من منهم يخرسون وتثقل ألسنتهم ويصعب عليهم الحديث عنا إذا كان في الحضور حاكم خاصة إذا كان مستبداً متغلباً بقوة عتاد أو كثرة عددية لطالما سمعنا المتحدثين يتقعرون في نطق نصوص مثل " ولا تأكلوا أموال الناس بالباطل " – " ولا تبخسوا الناس أِشياءهم " ،" وأوفوا الكيل " ، " وويل للمطففين " عندما يكون الكلام موجها ً للعامة وإن كان حضوره التجارة وبعض عامة المسئولين ولكنهم لا يقولون الشئ نفسه للرئيس أو الملك وإن شاع وذاع تعديه على المال الخاص مصادرة أو المال العام اختلاساً أو من حيازة أو اعطاء بقرارٍ أو بدونه على طريقة وأمره له أو أكثر .
أجدني أميل لأن الكثيرين يفعلون ذلك لا بسبب خطأ في الفهم أو قصور في الاعتقاد من النوع الذي قد يوصف بالانكفاء أو التجزيئي أو التبعيض ولكن بسبب الخوف من وخزه ذي الشوكة أو الحرمان من نواله وشوك بعض الحكام قاتل والحرمان لا يصبر عليه كثير من الناس .مكتب المفكر الإسلامي الشيخ يوسف حسن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق