الأربعاء، 11 سبتمبر 2013

كتاب الدين والسياسة - الشريعة المنصفة - يوسف حسن

الحلقة_الرابعة_نشر_إلكتروني
#كتاب_الدين_والسياسة
---------------#ليس_لغير_المسلمين_مفقود_يطلبونه -----------
*إذا التقى مسلم وغير مسلم في جوار أو ضمتهما دولة ملتزمة بصحيح الإسلام فلن يضطر غير المسلم إلى المطالبة بحق ، لأن حقوقه كلها مقررة سلفاً في صلب الدين ... ولا يكتمل دين المسلم إلا بتوفير حقوق غير المسلم وصونها ، فذلك ما جاءت به النصوص في الكتاب والسنة وما أثبتته التجربة ، حيثما قامت دولة إسلامية حتى تلك التي ابتعدت عن الإسلام أو خالفت أحكامه في شئون المسلمين أنفسهم . ومن تلك الحقوق التي أثبتها الإسلام لكل الناس وكل إنسان بصرف النظر عن دينه أو لونه أو عرقه الحقوق التالية :
*الحرية : في الرأي والاعتقاد والعبادة والعمل والملك والانتماء . دلت على ذلك نصوص مثل قول الله تعالى (( لا إكراه في الدين )) وقله جل وعلا (( لست عليهم بمسيطر )) .
*المساواة :فمن حيث الأصل " كلكم لآدم وآدم من تراب "ومن حيث العمل " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " ومن حيث الدين " لكم دينكم ولي دين " ومن حيث الجنس " النساء شقائق الرجال" .
*العدل : سمة الحكم الواحة في الإسلام وواجب الحاكم وشرط صحة حكمه. قال تعالى (( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل )) . وقال : (( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي )) وقال جل من قائل (( ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون )) .
إن العدل في الإسلام هو أن ينصف كل مظلوم وضعي حتى ليقف امير المؤمنين جنبا إلى جنب مع خصمه مسلماً كان أو غير مسلم أمام القاضي ويرضى بالحكم وينفذه ،وإن جاء خطأ لصالح خصمه مع علمه أنه صاحب الحق كما جاء في قصة درع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه التي نازعه فيها اليهودي قاضي الإسلام يحكم له بالدرع حسب مقتضى القضية والإثبات ونظر إلى أمير المؤمنين وصاحب الدرع يرضي الحكم وينفذه أيقن اليهودي أن هذا الدين حق وأعلن إسلامه .
لقد اعتبر الإسلام العدل هدف كل الرسالات إذ قال الله تعالى (( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط )) .
من قواعد الحكم في الإسلام أن جعل الأمر أمر الناس وليس أمر القيصر .. فقرر في القرآن الكريم من صفات المسلمين (( وأمرهم شورى بينهم )) ليجعل بذلك المشاركة والشورى في الأمر حق المحكومين كما جعلها واجب الحاكم حين قال تعالى لنبيه المعصوم صلى الله عليه وسلم ((وشاورهم في الأمر)) . وجعل مبتدأ الأمر بين الحاكم والمواطنين البيعة أي عهد يقطعه المواطنون للحاكم بناءاً على برنامجه يتضمنه نص البيعة ..ومن ذلك ما رواه البخاري عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((تعالوا بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئاً فعوقب به الدنيا فهو له كفارة ، ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله ، فأمره إلى الله ، إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه .
ولعلنا نلاحظ بوضوح في هذا النص ما يلي :
1- الابتداء بالعلاقة بين العبد وربه وهي أساس الإسلام .
2- تقديم وتفضيل جهاد النفس ومعالجة عيوبها .
3- النص على الانتهاء عن البهتان والافتراء حماية للفرد والمجتمع .
4- ربط الطاعة للحاكم بأمره بالمعروف .
5- بيان حرص الإسلام على ستر المستور صوناً لأعراض الناس وسمعتهم عن أن تهتك مما ينسجم مع تحريم التجسس ومنع تتبع عورات الناس ، ويبرئ الإسلام من اجتراء البعض باسم الإسلام على أعراض الناس والتسبب في إيقاع العقاب بهم بمجرد الشبهات مع أن الإسلام جعل الشبهة سبباً لدرء العقوبة كما في قول رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم : "ادرءوا الحدود بالشبهات" وجعل الاتهام بلا إثبات جريمة حدية .
هذا في ابتداء الأمر أما في استمراره فالنصيحة هي واجب المواطنين مع حاكمهم ، كما هي حق كل مسلم على أخيه المسلم .. قال صلى الله عليه وسلم " الدين النصيحة " قلنا لمن ؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " . وجاء في بعض الصيف " نعاهدك على السمع والطاعة في المنشط والمكره والنصيحة لك " وفي القرآن الكريم سورة جعلت الخسران خط كل إنسان لم يتصف بصفات أربع : (( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصلوا بالحق وتواصوا بالصبر )) .
لذلك حرص السلف الصالح على النصيحة والتواصي بالحق فقال أبوبكر " أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم " . وقال عمر بن الخطاب " فإن أخطأت فقوموني " فقال أحدهم " نقومك بسيوفنا " فحمد الله أن في رعيته من يقول ذك .. وقال حاضاً الرعية على قول الحق والتواصي به والقيام بواجب النصيحة " لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا (الحكام) إن لم نسمعها".
إن ما يجده من حق في الشورى والمشاركة في شئون الحكم في ظل دولة الإسلام أعمق وأقوى وأصدق مما يجده في أرقى الأنظمة الديمقراطية الوضعية لأن الإسلام لا يتيح الفرص للرأي الآخر فحسب بل يبحث عنه ويصر على سماعه في أمان وضمان من أن يتعرض قائلة إلى ضغط أو إغراء . فهكذا طبقها رسول الله صلى الله وسلم . أما الخلاف الذي يدور حول المصطلح فإن قبل المسلمون بمصطلح الديمقراطية مرادفاً أو بديلاً لمصطلح الشورى خروجاً من الخلاف فليس في ذلك خروجاً عن الدين أو مخالفة بل الجوهر المطلوب ، والهدف المقصود يتحقق بأن يحسن المنادون بأي من المصطلحين تطبيقه بصدق وإخلاص فعند ذلك تصير الديمقراطية هي الشورى نفسها .
وإن لم يصل الناس ذلك المستوى وطبقت الديمقراطية بأساليبها الممارسة من إغراء واستعطاف ودعاية فقد طبقوا استطاعة المجتمع الحاضر في فهم أو احتمال مقاصد المصطلح ، ورضوا بالأقل الأدنى ولا بأس بذلك ريثما يرقي المجتمع إلى مستوى نهج الشورى الحقيقة فهما ونضجاً وتقي ، وقدرة على التطبيق .
إن الشورى أو الديمقراطية كلاهما يعني الاعتراف بالرأي الآخر أي التعددية في الرأي ، وبالتالي قبول تعدد وسائل ومواثيق تطبيق وممارسة الآراء والأفكار ، أي قبول تعدد التنظيمات والأحزاب .. وقد مهد الإسلام كما يقول الأستاذ فهمي هويدي للتعددية " بأن جعل احترام الآخر ومساواته والاعتراف بحقه في العدل من متطلبات التسليم بالمشيئة الإلهية واحترام سنن الله في الكون ".
#مكتب_المفكر_الإسلامي_يوسف_حسن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق