الأربعاء، 11 سبتمبر 2013

كتاب الدين والسياسة - يوسف حسن



الدين والسياسة

يوسف حسن

================حلقات من كتاب الدين والسياسة - يوسف حسن =================


حقائق الإسلام الساطعة التي اهتدى بها الأميون واتحد البدو المتفرقون وتحابب الأقربون والأبعدون المتقاتلون ، جني ثمارها كل أولئك عزاً ومجداً وكرامة وسمواً وقدرة بالحق ضد الباطل وبالعدل على الظلم وبالحرية على الاستبداد وبالمساواة على الميز وبالإيثار على الأثرة وبالحب على البغض ، فدعوا إليها بأخلاقهم الفاضلة وسلوكهم الحميد منذ انتهوا عما نهتهم عنه وامتثلوا ما أمرتهم به فحققوا السعادة لأنفسهم ولغيرهم حينا من الدهر .

بتلك الحقائق الساطعة نظرياً وبذلك التطبيق الدقيق عمليا عز السلف وافتخر الخلف من المسلمين واعترف وشهد من عاصر التطبيق الدقيق أو درس النصوص وفحص التاريخ مخلصاً .
ثم مرت قرون وحقب غلب فيها وحكم باسم الإسلام من غلب وحكم ، حكماً غاشماً وملكاً عضوضاً – كانت بيعته قهراً وقسراً بعد أن لوح الغالب بسيفه الملطخ بدم الشورى الذبيحة – ولا عدل ولا حرية ولا مساواة ولا كرامة ولا حرمة لمال ولا دم ولا عرض ولا حق ولا نصح في حكم يبدأ بإعدام الشورى ويحمى نفسه بحد السيف كالذي حدث في السودان هذه من حقائق جور الحكم باسم الإسلام التى نبأ بها القرآن وتنبأ بها رسول الإسلام ولا تحتاج من ذي العقل السليم لكثير اجتهاد لينفي نسبتها إلى الإسلام طالما أن حقائق النظرية محفوظة مصونة عن التحريف وتجارب تطبيقه السليم لم يختلف حولها الخصوم ، بل أبلغ أدلة الاعتراف بصحتها وتفوقها أن من يدعو لسواها يرمى خصومه بادعائها وسوء استغلالها .
هذه الحقائق يريد بعض الناس أن يلفها بخرق المسيئين فيرمي بها خارج سور حياتنا .
فهل تلك حقيقة وهل ذلك ممكن وإذا تم إبعاد هذه الحقائق والتجارب الوضاءة عن حياتنا فمن الظالم ومن المظلوم ومن الخاسر ومن الرابح ؟ .

أسئلة لا يمكن تجاهلها
* واضح أن هناك أخطاء مركبة أدت إلى أن يجئ هذا الموقف السلبي من علاقة الدين بالسياسة ، فمن أين جاءت هذه الأخطاء وكيف السبيل إلى تصحيحها وما حقيقة علاقة الدين بالسياسة ؟ هذه أسئلة تبدأ الإجابة عليها بالإجابة على أسئلة أساسية عن ماهية السياسة ومفهومها وأهدافها وتعريف السياسي وصفاته وواجباته ، ثم ما هو الدين وما صلته بالسياسة والحياة . ومن أين جاء مفهوم فصل الدين عن السياسة ؟ وهل جاء بسبب موقف الدين أو الوحي الإلهي في أي مرحلة من مراحله من الحياة أم أنه بسبب فهم بشر لدين واحد من الأديان أو ممارسة فرد وجماعة أو حكومة في مرحلة من مراحل التاريخ الغابرة أو المعاصرة يريد البعض أن يعمم موقفه منها جهلا أو ظلما واستغلالاً على جميع الأديان ؟ ثم هي أسباب وأشكال ومواقع الاختلاف بين رجال العلم أو السياسة ورجال ذلك الدين أو المذهب ؟وهل نفس تلك الأسباب تنطبق على الإسلام ؟.
ما موقف الإسلام من أهم عناصر ذلك الخلاف بين رجال الدين والسياسة في ذلك الدين ؟ ما موقفه من العلم ؟ من العقل ؟ من الحضارة ؟ من الإنسان أي إنسان ؟ ومن مخترعاته واكتشافه ؟
ثم هل هذا الموقف السلبي من الدين والذي أدى إلى المناداة بفصل الدين عن السياسة هل هو فهم مجمع عليه في هذا العصر ؟ وهل هو مطبق في الغرب ونظمه السياسية ؟ ما معنى وجود أحزاب سياسية دينية في الغرب : في ايطاليا وفرنسا وألمانيا ؟ ما موقف الغرب من الكنيسة ومن البابا ؟ ولماذا تحت أي ستار قاد الغرب حملاته الاستعمارية في الماضي القريب ؟ ما موقع المبشرين منها ؟ ما دور الكنيسة فيها ؟
ثم ما موقع البابا في الغرب وما موقف ساسة العالم الغربي وقادته ومن خطبه وجولاته وتوجيهاته في الأخلاق والسياسة ومع الحقوق وضد الحرب ؟ أليس هو محل التقديس والتعظيم وليس فقط الاحترام والتبجيل؟
ثم أليست إسرائيل دولة دينية المنشأ والمسمى ؟ أليست هي الدولة الخاصة المخصوصة لليهود دون سواهم ؟ أليست هي الدولة التى لا يجوز لغير اليهودي اعتقاداً وسلالة أن يدفن في مقابرها ، وإن قاتل في صفوف جيشها دفاعاً عنها ؟ أليست هي الدولة التى تمارس عنوة واقتداراً وعلناً وجهاراً الميز العنصري ضد الفلسطينيين وغيرهم ؟ وهل محاولات إسرائيل لفرض سيطرتها على القدس وإصرارها على نقل عاصمتها إليها ومنعها للمسلمين والمسيحيين من زيارة بيت المقدس إلا بسبب تعصبها الديني ؟ ما موقف دعاة فصل الدين عن السياسمن خلط الدين بالسياسة في دولة "عبدالله " إسرائيل ؟ أليس التبني والحماية ؟!
ثم هل المقصود بالرفض من الدين هو الاعتقاد في التوحيد ترجيحا لدعاوي الإلحاد أم المقصود بالرفض منه التعبير عنه بممارسة العبادات ؟ أم أن المقصود رف بعض التجارب التي تمت باسم الإسلام من المسلمين أو متمسلمين في الأقضية والمعاملات على مستوى الأفراد أو الجماعات أو الحكومات ؟
وهل الإسلام وحده هو المذهب الذي أساء بعض منسوبيه باسمه جهلاً أو قصداً ؟
أليس هنالك غربيين رأسماليين ومسيحيين ومشرقيين إشتراكيين شيوعيين وأوسطيين بعثيين غرقوا وأغرقوا وما يزالون في غمرة ساهون وما يزالون يخوضون في أوحال الظلم والاستبداد والإهلاك لأممهم وشعوبهم وجيرانهم بسبب تطبيقهم لما اعتقدوا أنه المسيحية أو العلمانية أو الشيوعية أو البعثية الحقيقية ؟
هل نادى المنادون بفصل الدين عن السياسة بسبب إساءة بعض منسوبيه بفصل الشيوعية أو البعثية أو العلمانية أو الرأسمالية عن السياسة وقد وقع من بعض منسوبيها أفراداً وجماعات وحكومات ماضيا وحاضر أما عم شره وضره ؟.
وإذا كان الأوروبيون قد لجأوا إلى العلمانية لأن الكنيسة عندهم في ذلك الزمان المظلم أرادوا أن يحتكروا الدين والدنيا ويفرضوا هيمنة الكنيسة ويوزعوا صكوك الغفران لمن يشاءون إعطاءه هذا بينما المسيحية الأصيلة – دعك من المحرفة – ليس فيها نظام دولة وإنما هي دعوة إلى التوحيد من ناحية علاقة الإنسان بربه ودعوة إلى المحبة من جانب علاقة الخلق ببعضهم .
إذا كان ذلك هو الواقع الذي دفع النهضويين في القرون الوسطى إلى مقابلة تطرف رجال الكنيسة في المسيحية المحرفة ضد العلم والعقل ونظرياته وضد التجربة والملاحظة واكتشافاتها بتطرف علماني يدعو لإقصاء الدين عن السياسة ، فهل في الإسلام رجال دين لهم حق الوصاية على الدين ومعتنقيه ؟ وهل في الإسلام صكوك غفران . وماهو موقف الإسلام من العلم ؟ وهل الإسلام دين روحي يعني بالروح دون الجسد أم أنه زيادة على ذلك الغذاء الروحي يهتم بغذاء ورعاية الجسد وكما يركز على معنويات الوجود يحفل بماديته ؟ وزيادة على ذلك يتضمن الإسلام تشريعات وقواعد وموجهات في العلاقات بين الإسلام والأديان السماوية الأخرى والمذاهب الوضعية المختلف والنظريات والاختراعات في الاقتصاد والتجارة والطب والحرب والسلام وفي الأخلاق والتربية وعلاقات الرجال بالنساء والصغار بالكبار والأغنياء بالفقراء والأقوياء بالضعفاء والبشر بغير البشر من مخلوقات الله ليس مجرد الاهتمام عطفاً أو عطاءاً وليس دعوة وإرشاداً أو ترشيداً بل استفادة من كل تجربة واعتماداً لكل معرفة وأخذ بكل حكمة ، من أي جهة جاءت ، فالحكمة ضالة المسلم "أنى وجدها فهو أحق بها" .
====================
مكتب المفكر الإسلامي يوسف حسن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق